প্রবন্ধ
تشيـيدُ القبور يَتَنَافَى مع الشرع الإسلامي
بقلم : الشيخ الجليل المربي الكبير العلامة أشرف علي التهانوي المعروف بـحكيم الأمة
تعريب : أبو أسامة نور
الناسُ غَالَوْا في تعظيم الصالحين و أولياء الله ، فعمدوا إلى تشييد الأضرحة الشامخة على قبورهم؛ ولكن هذا الشكل من تعظيم الأولياء يُحَرِّمه الشرعُ. على أنّ تعظيمهم لا ينحصر في هذا الأسلوب ، أي في تشييد قبورهم ؛ لأنهم مُعَظَّمُون ولو كانوا في قبورٍ غيرِ مُشَيَّدة ؛ بل إن قبورهم المُطَيَّنَة غيرَ المُشَيَّدة أكثر نورًا وبركةً لكونها مُوَافِقَةً للسنّة ؛ فقد لمسنا أنّ قبر الشيخ الكبير قطب الدين بختيار الكاكي (582-663هـ = 1186- 1265م) يعلوه الوقار الذي لايعلو بشكل قبورَ السلاطين والأباطرة المُشَيَّدَة . إنّ ذلك شيء يدركه من لديه البصيرة ؛ فيعلم أن القبورَ المُطَيَّنة عليها من الأنوار والبركات ما لا يمكن أن يُوْجَدَ على القبور المُشَيَّدة . ومن ليس لديه البصيرةُ فليعلم أن الأنوارَ إنما تخصّ السنّةَ ، وأنَّ القبورَ المشيَّدةَ إنّما بناها السلاطينُ والأثرياءُ ولم يَبْنِها أيٌّ من الأولياء والصالحين ، ولم يكن الأشياء التي هي من صنع الملوك والسلاطين لتسعد بالأنوار والبركات . إن الصالحين من عباد الله لايهتمّون بأبدانهم ، فضلاً عن أن يهتموا بالقبور والأضرحة وتشييدها . إنّها ليست من صنع أولياء الله عزّ وجلّ ، وإنما هي من صنع الأثرياء والملوك الذين لايَهُمُّهم إلاّ أمثالُ هذه الأشياء ؛ لأنّهم لايدركون حقيقةَ الدين ، فيميلون إلى ممارسة أعمالِ الفسق والفجور . إن من يتمتعون بمعرفة بالدين وبحبّ للأولياء والصلحاء ، لايفكرون في تشييد الأضرحة وممارسة البدع . إن ثريًّا كبيرًا أحضر للشيخ رشيد أحمد الكنكوهي رحمه الله (1244-1323هـ = 1828- 1905م) فروًا ثمينًا جدًّا رائعًا ذا لون صارخ ، ليرتديه ، فأهداه الشيحُ إلى سَرِيّ قائلاً : سيادةَ السريّ ! اِلْبَسْ هــذا الفروَ ، إنّه ينسجم مع ملابسك ؛ لأنها قد تكون ثمينةً مثلَه . أمّا أنا فلستُ لأَِكْسِبَ به زينةً إذا ارتديتُه على ملابسي البسيطة . ثم إنّ صيانتَه من الديدان من يقوم بها ؟ لأني أنا ليست لديَّ فرصةٌ لذلك ، فلن أَضَعَه عندي عبثًا فَأُضَيِّعَه . على كلٍّ ، فإنّ أولياءَ الله إذا كانوا لايُحِبُّونَ أمثالَ هذه المشاغل ، فكيف يحبّون هذه الخرافاتِ فيما يتعلّق بالقبور . إنّ القبورَ المُشَيَّدة تُضَادُّ طبيعةَ أولياء الله ، كما أنّ تشييدَها ينافي الهدفَ من زيارة القبر ؛ لأن الغرض من زيارته إنما يحصل إذا كان مُطَيَّنًا لا مُشَيَّدًا .
الغرضُ من زيارة القبور
إن الغرضَ من زياة القبور هو تَذَكُّرُ الموتِ واستحضارُه وتَمَثُّلُ منظرِ فناءِ الدنيا . وهذا لايتحقّق إلاّ إذا كانت القبورُ مُطَيَّنَةً غيرَ مُزَيَّنة ؛ لأن زيارتَها تُؤَثـِّر على القلب وتُذَكِّرُ بالموت . أما القبور الْمَلكِيَّة المُشَيَّدَةَ فإنّها لاتُذَكِّرُ بالموت ولا تُمَثِّل زوالَ الدنيا ولامنظرَ فناءِ الكون . ولو قال أحدٌ : إن القبورَ المُشَيَّدَة تُؤَدِّي إلى حبّ الأولياء وإكرامهم : لقلنا : إن هذا الحبَّ مثلُ حبّ من يتّخذون الأضرحة – أضرحة سيدنا الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما – من الخشب والقصب والأوراق ، الذين لايُطَاوِعُهم البكاءُ على شهداءِ البيتِ النبويِّ ما لم يَتَّخِذُوها وما لم يُنْشِدُوا المَراَثِيَ . ألا ! إنّ الحبَّ الصادقَ والاحترامَ الواقعيَّ لايحتاجان إلى أمثالِ هذه الأدواتِ . أفهل يَجْرُأُ أحدٌ على أن يزعم أن الصحابةَ – رضي الله عنهم – كانوا لايُحِبُّونَ النبيَّ ﷺ ولايحترمونه . إنهم بلغوا من حبّهم له ﷺ أنّهم كانوا يتبادرون إلى تناول وَضُوئِه ولايَدَعُوْنَه يَسْقُطُ على الأرض فيمسحونَ به وجوهَهم وعيونَهم .
موقفُ الصحابة رضي اللّه عنهم
ورغم حبّهم هذا ، لم يشيّدوا قبرَه ﷺ وإنما أَبْقُوْهُ كما كان مُتَرَّبًا مُطَيَّنًا ؛ لأنّه ﷺ نهاهم عن ذلك . فاقتضى حبُّهم له ﷺ ، أن لايَعْمِدُوا إلى تشييد قبره عملاً بنهيه . ومن الواضح أن الصالحين والأولياء حرصوا في حياتهم على اتّباع أوامره ونواهيه ﷺ ، حرصًا لم يُبَالُوا من أجله بأنفسهم وأموالهم . فكان رضاهم تَبَعٌ لرضي النبي ﷺ .
ولو قال أحد : إن تشييدَ القبر فيه تخليدٌ لأَِثـَرِ الصالحين ؛ لقلنا : إنّ الله هو الذي قد ضَمِنَ تخليدَ أثـَرِهم ؛ لأنّه تعالى أَحَبَّهم ، ولن يَخْلُدوا بتخليدكم إذا لم يُرِدْ هو تعالى تخليدَهم ألا ترون أنّ كثيرًا من أصحاب القبور المُشَيَّدَة لا يَعْرِفُ أحدٌ حتى أسماءَهم ، فكيف ظننتم أن تشييد القبور هو الطريقُ الوحيدُ إلى بقاء أسمائهم وأثارهم ؟ إنّ الذي يخلّد ذكرهم وأسماءَهم إنّما هو صلتهم القوية بالله وفضلُهم في عبادةِ الله تعالى ؛ فهم لايحتاجون إلى محاولتكم لإبقائهم وتخليدهم . وقلنا – ثانيًا – إنّ الطريقَ إلى تخليد ذكرهم قد يمكن أن يكون أن تُبْقُوْا قبورَهم مُتَرَّبةً ، وأن تقوموا بتطيينها وتتريبها سنويًّا . الغريبُ أن عُبَّادَ الدنيا هؤلاء لايُشَيِّدون إلاّ قبورَ من يَظُنُّونَهم كانوا لايُحْسِنُونَ اتّباعَ السنة . أمّا من يَظُنُّونَهم أنهم كانوا يتَّبعونَ السنّةَ كاملاً ، فيُبْقُونَ قبورَهم غَير مُشَيَّدَة . فها هو ذا قبرُ الشيخ قطبُ الدين بختيار الكاكي – رحمه الله تعالى – لايزال مُطَيَّنًا ، ولا تزوره النساء . وقد سألتُ سَدَنَة قبره – رحمه الله – عن السبب في ذلك . فقالوا : لأنه – رحمه الله – كان مُتَّبِعًا للسنّة جدًّا ، فلم نُجِزْ ممارسةَ هذه الخرافات على قبره . فكأَنَّ غيره من الصلحاء لم يكونوا مُتَّبِعِيْنَ للشريعة والسنة في معنى الكلمة . إنّ هؤلاء يَتَّهِمُونَ مشايخَهم بموقفهم هذا اِتِّهَامًا شنيعًا بأنهم لم يكونوا يتّبعون الشريعةَ كما ينبغي . فمن أين كانوا صلحاء ؟!. إنّ هذا العملَ جديرٌ بالاجتناب لكونه مُؤَدِّيًا إلى هذا الإيهام .
تشييد القبور منهيٌّ عنه في الشريعة
إنّ تشييد القبور والأضرحة نَهتْ عنه الشريعةُ. وهناك حكمةٌ أخرى في النهي عنه : إِنّ الشريعة مَنَّتْ علينا عندما نَهَتْنَا عن تشييد القبور ؛ لأَنَّها لو شُيِّدت منذ اليوم الأوّل ، لما كان مجال لسكنى الناس ، ولا كانت أرضٌ للزراعة ؛ لأنّ الأمواتَ عددهم لايُحْصَىٰ منذ أن وُجِدَ الكون حتى لاتخلو قطعة من الأرض في الدنيا لا يوجد بها مَيِّتٌ . فقل لي : إن وُجِدَتِ القبورُ كلُّها مُشَيَّدَة فهل وجدنا سعةً لموقفنا ، إننا اضطررنا – إذاً – أن نبني على القبور بيوتًا ذاتَ أدوار عديدة ، حتى كانت لتعود مثلَ الجبال . أمّا القبور الترابيّة ففيها مجالٌ لأن نَتَّخِذَ مكانَها قبورًا أخرى لدى امّحاء أثرها . وإن لم تكن الأرضُ التي فيها القبورُ موقوفةً ، جاز أن نزرعها إذا مضت على القبور مدّةٌ تؤكّد أن الأموات تكون قد صارت ترابًا . أما ما قلنا من أنّ كل مكان يوجد به مَيِّتٌ مدفونٌ ، فيجوز تصديقه عن طريق تعداد الأحياء من الناس ؛ حيث إنه إذا كانت الأحياءُ بهذا العدد الكبير في عصر واحد ، فكم يكون الأموات الذين دَرَجُوا خلال ستّة أوسبعة آلاف عام ، فضلاً عن السنوات غير المعلومة. وكلُ مَيِّتٍ لقبره قدرٌ من الأرض ، فالأرضُ لايمكن أن تَسَعَ الأمواتَ كلَّها . ومن هنا يقول العلماء بالطبيعة – Scientists – إنه لو كان الناس كلُّهم أحياءَ لما وَسِعَتْهُمُ الأرضُ .
فتشييدُ القبور كان لِيُؤَدِّيَ إلى هذا الحرج . أمّا اليوم فإن الناس يسكنون أمكنةَ دفنِ الأموات ؛ بل إنّهم يبنون بيوتهم بتراب أجسادهم وقبورهم ومدافنهم ، كما يتّخذون بها الأواني ؛ فقد يجوز أن تكون الجرار والكؤوس والأواني الموجودة في منازلنا قد صُنِعَتْ من تراب أجساد سلفنا . فتشييدُ القبور ينطوي على أمثال هذه المفاسد . على أنّ الموتَ إنما خَلَقَه الله تعالى للمحو والإفناء ؛ فالاهتمامُ باتِّخَاذِ وسائلِ الإبقاءِ شيءٌ غيرُ معقولٍ .
ولو قال أحدٌ : إنَّ القبورَ قد تُفِيْدُ الأحياءَ ؛ فهي في حاجة إلى الإبقاء : قلتُ : إن الفائدةَ منها غيرُ مُعْتَبَرَةٍ في الشريعة ؛ لأن الاستفادةَ المعنويَّةَ منها لاتؤثـّر في تربية الأحياءِ وتزكيتِهم ؛ فهي كالحرارة التي يَشْعُرُ بها الجالسُ إلى التنوّر ، حيث لا تبقى طويلاً ، بل تنتهي إِثـْرَ مغادرةِ التنّور ، ومسِّ الرياحِ الجسمَ . أمّا الاستفادةُ من المشايخ الأحياء فهي مثلُ القوة التي تَتَوَلَّدُ في الجسم بتناول الأدوية المُقَوِّيَة ، فهي تبقى وتدوم وتنفع وتُعْطِيْ مَفْعُولَه . فالأحياءُ لايحتاجون إلى الاستفادة من الأموات ، لأن المشايخ الأحياء يكفيهم للاستنارة المعنوية والتربية الروحيّة.
মন্তব্য (...)
এ সম্পর্কিত আরও প্রবন্ধ
কবরকে কেন্দ্র করে যে সকল কুসংস্কার সমাজে বহুল প্রচলিত
কবরকে ঘিরে কিছু ভুল বিশ্বাস, কুসংস্কার আমাদের সমাজে আছে। পৃথিবীর প্রায় অঞ্চলে এই কুসংস্কারগুলো না...
নাজাতের জন্য শিরকমুক্ত ঈমান ও বিদ'আতমুক্ত আমল জরুরী
[প্রদত্ত বয়ান থেকে সংগৃহীত] الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى، أما بعد فأعوذ بالله من الشي...
টাই এর কথা কুরআনে আছে?
...
রাসূলুল্লাহর সম্মানে অতিরঞ্জন বিদআত
...